احتفلت الجزائر ومعها كامل دول المغرب الاسلامي بعيد «ينّاير»، الذي يعدّ تراثا ضاربا في التاريخ الأمازيغي للمنطقة، ويحفظ ذكرى معركة فاصلة مكّنت الأفارقة الشماليين من إيقاف الزحف الفرعوني، كما سمحت بإعادة المملكة الفرعونية ذاتها وتدمير المملكة الإسرائيلية في القدس القديمة.
كان ذلك قبل قرون ساحقة في القدم. الملك الفرعوني يسيطر على إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، تجري من تحته الأنهار، له الأرض و«ما استطال من سماء» يمتد في شمال القارّة الإفريقية وجنوبها فلا يجد عائقا، بينما يسود الغضب القبائل الأمازيغية المتنقلة داخل هذه الأراضي لما تراه من استبداد الفراعنة وسكوت الجيران عن حربهم خوفّا من التقدّم العلمي الرهيب لصناعاتهم السلاحية.
كان الوقوف بوجه الفرعون يومها أشبه بحرب تجري بين قبائل «الزولو إيناكاتا» والـ«الأف 16» الأميركية. ورغم هذا، فإن كل القبائل ذات الأصل الأمازيغي وحدّت قواها في جيش قاده الزعيم المعروف «شيشنق»، هذا الرجل الذي حارب تحت رايته أمازيغ ليبيا وتوارق الجزائر وشلوح المغرب ومشوش تونس،
وكانت الواقعة المختلف في شأن مكانها، البعض يقول إنها تمّت بأعالي جبال تلمسان الجزائرية والبعض يقول عند نقطة لقاء الحدود الجزائرية ـ الليبية ويصرّ آخرون على تونس كمكان مفترض للمعركة الكبرى، التي كتب لها أن تغيّر شكل التاريخ القديم،
حيث سقطت «إمبراطورية الشرّ» الفرعونية تحت الضربات الباسلة للفرسان الأمازيغ. ولم يكتف «شيشنق» بتأديب الفراعنة، بل سار نحو عاصمتهم المصرية فأزال ملكهم، وتزوّج بأميراتهم وكان مؤسّس الأسرة الفرعونية الثانية والعشرين، كما مدّد حكمه إلى «مملكة يهوذا» القديمة بفلسطين، فحطّم أسوارها سنة 920 قبل الميلاد، وبسط حكمه على القبائل اليهودية لغاية الغزو الآشوري سنة 721 قبل الميلاد.
و في السياق ذاته صدر مؤخرا كتاب جديد يتناول علاقة الفراعنة بالامازيغ القاطنين بشمال افريقيا مسلطا الضوء على محطة تاريخية بارزة من تاريخ العلاقات السياسية والثقافية بين الامازيغ ومصر الفرعونية
وحمل الاصدار الجديد عنوان “الامازيغ في مصر” لمؤلفته “تاكليت مبارك سلاوتي “، الذي تكفلت المحافظة السامية للامازيغية بالتعاون مع الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار بطاعته.
و تشهد الآثار المكتشفة في المواقع الأثرية الصحراوية على الاتصال والتأثيرات الثقافية المصرية في عالم قدماء الامازيغ على غرار الرسوم الصخرية بالطاسيلي و التي يمثل بعضها رسومات تمثل جمالا و حيوانات دخلت أولا إلى مصر وانتشرت بعد ذلك في باقي الصحراء.
وبحسب الكتاب، فأنه بالرغم من قوة و نفوذ الإمبراطورية المصرية التي غزت أقاليم واسعة سواء بالسودان أو الشرق الأوسط، إلا أن الفراعنة لم يهتموا يوما باحتلال الأقاليم الغربية الشاسعة التي كانت يقطنها الامازيغ .

تعليقات
إرسال تعليق